الخميس، 26 ديسمبر 2013

المصابون يروون لـ"الأهرام" لحظات الرعب العدد الأكبر بين الجرحي أمناء شرطة وجنود‏..‏ وجودي أصغر مصابة

أياديهم مرفوعة بالشكر وحمد الله علي نجاتهم من كارثة الإرهاب‏,‏ لكن ألسنتهم غاضبة ومشاعرهم مليئة بالغيظ والألم جراء غدر الإرهاب الأسود وإسترخاصه لأرواح البشر‏..
مصابو تفجيرات المنصورة الذين استقبلتهم أربعة مستشفيات هي مستشفي المنصورة العام القديم, والمنصورة الدولي والطوارئ الجامعي وطلخا المركزي كان أغلبهم أمناء شرطة وجنودا ومجندين وموظفين في إدارات مختلفة بمديرية الأمن..
تحدثوا لـ( الأهرام) عن لحظات الموت والدمار منتصف الليل وعن دوي الإنفجار الإجرامي الذي شبهوه بزلزال كبير, وصبوا جام غضبهم ولعناتهم علي التطرف والتخريب والهدم والأعمال الجبانة, لكنهم أكدوا بثبات ورجولة أنهم فداء للوطن ومستعدون للتضحية بأرواحهم في سبيله مهما كلفهم ذلك وتطهيره من عناصر الإرهاب البغيض.
بعضهم لم يستطع تجميع قواه للحديث إلينا بسبب دموعه الغزيرة علي زملائه الذين استشهدوا في العملية وكانوا يتحدثون سويا قبل العملية بلحظات ولديهم معهم ذكريات وعشرة سنوات, فيما قبل البعض الآخر بأن يتحدث بكلام مقتضب دون إسهاب نظرا للحالة النفسية والمعاناة الشديدة التي مروا بها وإحترمناها تقديرا لهم.
سنأخذ حقنا
يقول خالد سيد حسين مجند في مديرية الأمن أنه وقت الحادث كان في الخدمة وفوجئ بسقوط المكتب فوق رأسه, كما سقطت المكاتب المجاورة وعم الظلام المكان كله عقب الإنفجار, وقد نهض خالد بسرعة إلي الخارج ليحمله الناس إلي الإسعاف بينما كان ينزف رأسه دما.
ويضيف خالد: إصابتي جاءت في دماغي ورجلي بها خياطة وكدمات في بقية جسمي. ويؤكد أنه وزملاؤه لهم حق سيأخذونه من القتلة, ويدعو الله أن ينتقم منهم, كما يشكر إهتمام الدولة ورعاية الأجهزة الرسمية والمواطنين الذين أحاطوه وكل المصابين بالإهتمام والرعاية ولم يتركوهم حتي في المستشفي.
أما محمد يوسف محمد مجند يخدم في مديرية الأمن وهو من كفر الشيخ فيقول أنه أنهي وردية خدمته الساعة الثانية عشرة ليلا, وبعد أن تسلم منه زملاؤه الخدمة بنصف ساعة تقريبا وقع الإنفجار وأظلمت الدنيا حوله, وأصيب في رجله ودخلت فيها شظايا.
لم يرحموا العجوز
الحاج علي سليمان السبكي عمره73 سنة يعمل حارسا لمحل بيع موبيلات خلف محطة البنزين القريبة من مديرية الأمن, ورغم أنه ليس رجل أمن أو عسكريا لكن يد الإرهاب لم تفرق بين ضحاياها حيث أصيب الرجل العجوز في دماغه وفخذه. يقول عم علي: كنت جالسا ورأيت الإنفجار بعيني ولم أستطع التحرك والظلام حل في المكان وعندما أفقت حملوني إلي الإسعاف, وهو يعتبر أن ما حدث جريمة بشعة يندي لها جبين كل مصري حر, مطالبا المصريين بتوحيد جبهتهم وصفهم الوطني للقضاء علي التطرف والإرهاب وتطهير مصر من شروره, ويعترف العم علي بأن ما رآه هو أهم حدث في حياته لأنه عاصر سبعة رؤساء علي حد قوله إبتداءا من الملك فاروق وحتي الآن ولم يشهد واقعة خلفت مثل هذا الدمار والدم. يتساءل العم علي: من يرضيه ما حدث وفي أي عقيدة يجيزون قتل الأبرياء ؟
من جانبه يتحدث علاء شعبان عمره33 سنة من السنبلاوين موظف بإدارة البحث الجنائي, الإصابة عنده في وجهه بخلاف كدمات في الظهر والتقارير الطبية أظهرت كسرا في العمود الفقري. يقول علاء أنه كان الدور الرابع من مبني مديرية الأمن وقت العملية الإرهابية, حاول النزول لحمل جثث المتوفين وبقية المصابين, وهو يؤكد أن ما حدث جريمة في حق الشعب المصري كله ولن تردعنا عن الدفاع عن وطننا بأرواحنا وكل ما نملك حتي لا تسيطر خفافيش الظلام علي مستقبل أبنائنا.
ويتحدث أسعد ناصر أمين شرطة ومصاب في ذراعه ورأسه بألم وغضب عن العملية الغادرة, ويقول: ما حدث إرهاب جبان فكيف يقتل المسلم أخاه مهما حصل, ألا يخافون الله فينا وفي بلدهم, ومن أعطاهم الحق لكي يقتلوا ويسفكوا الدماء ويزهقوا الأرواح ويعيثوا في الأرض فسادا, إن الله هو المنتقم الجبار وأعتقد أن من نفذوا ذلك خسروا الشعب وأصبحوا أعداء له وأعداء للدين والإنسانية.
ولا يستطيع أبو وردة محمد عوض وظيفته رقيب شرطة سري في البحث الجنائي أن يسمع من بجانبه بسبب عملية أجريت في أذنه, لكنه بالإشارات نوه إلي أن إصابته جاءت في ظهره وتم إجراء أكثر من40 غرزة في دماغه, ويشكو من فخذه الأيمن الذي سقط عليه بعد أن ارتفع إلي الأعلي عند الإنفجار, وتحمل الأقدار لأبي وردة خبرا سعيدا وهو في المستشفي إذ علم بدخول زوجته إلي المستشفي لوضع مولودهما الثاني, حيث أن لديه طفل آخر إسمه أحمد عمره5 سنوات.
المصاب طارق محمد السعيد أمين شرطة في إدارة مكافحة المخدرات بالدقهلية إصابته كانت في رأسه وأجريت له عملية في الجمجمة التي كسرت, كما أن الفخذ والأضلع بها كسور, ومع كل ذلك فهو يقسم والدموع في عينيه بأنه لن يتنازل عن حقه وحق زملائه, فهم رجال مؤتمرون علي الوطن ولن يخذلوا أمل الشعب فيهم مهما حاول الإرهابيون أن يزرعوا الرعب في القلوب, وقد عاهد مصر بأنه سيبقي علي العهد دائما.
ولم يستطع أحمد محمد جلال حمودة أمين شرطة من إدارة البحث الجنائي أصيب في دماغه وكسر في الجمجمة, أن يتحدث إلينا وكان يصرخ مستغيثا لطلب الأطباء والممرضات لتخفيف الألم عنده, لكن والده أخبرنا بأن الكسور في دماغه كبيرة وأثرت علي ذراعه الأيسر, فضلا عن أنه أجريت له70 غرزة خياطة بسبب الزجاج الذي أصاب جسده وعنده أيضا شرخ في رجله الشمال, ويتمني محمد محمود بدوي أمين شرطة عمره35 سنة ولديه ثلاثة أطفال أكبرهم في الصف الثالث الإبتدائي أن يخرج من المستشفي بسرعة حتي يستأنف حياته ويتحدي الإرهابيين ويخدم بلده, وهو ينتظر إجراء عملية في دماغه بسبب الإصابة.
حتي الأطفال
وأصغر المصابات في المستشفي كانت الطفلة جودي أحمد عبد الله خمس سنوات حضرت معها جدتها لوالدها وخالتها لأن والديها مسافران في الخارج, وتعاني جودي ذات الوجه الملائكي البريء من قطع في ثلاثة أربطة بقدمها وكدمات في وجهها وأجزاء من جسمها, لم تتوقف جودي عن البكاء عند رؤية أي شخص غريب في الغرفة وربما لفزعها من الحادث الإرهابي وما خلفه في ذاكرتها, وكثيرا ما كانت تتحسس قدمها المجبرة بالجبس خشية أن يقترب منها أحد, وهي بالتأكيد تجهل معني الإرهاب, لكنها دون شك ستعرف عندما تكبر أن هناك قتلة أفزعوها وهي صغيرة وشمت علي أيديهم رائحة الموت, غير أن جودي ستنعم بدون شك بالأمان والأمل عندما يذهب الإرهابيون إلي الجحيم ويلفظهم الشعب إلي الأبد.
وشهد( الأهرام) عملية توزيع الإعانات العاجلة للمصابين في مستشفيات المنصورة بناء علي تعليمات اللواء عمر الشوادفي محافظ الدقهلية الذي قرر صرف260 الف جنيه بواقع5 الاف جنيه لأسرة كل شهيد و2000 جنيه لكل مصاب وأمر بتكليف وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالمحافظة بتوزيع هذه الاعانات علي ضحايا الحادث الارهابي الغادر.
ويقول نجيب طه معوض مدير مؤسسة التكافل الإجتماعي بالدقهلية أنهم يقومون بهذا العمل بناء علي تعليمات السيد المحافظ ووكيل وزارة التضامن وهي دفعة واحدة للحالات المصابة والحالات المتوفاة.
وأوضح معوض أن وفدا من الوزارة سيصل لكل المصابين في مختلف المستشفيات وسوف تستكمل عملية الصرف في مواطن سكن الشهداء في محل إقاماتهم أو في المستشفيات بعد تواجد ذويهم, مؤكدا أن كل من أصيب في الحادث الإجرامي سيجد الإهتمام والرعاية..




المصدر الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق