"ما ذنب النباتات؟".. عبارة قالها مرشد الإخوان محمد بديع عندما اعتدى بعض المتظاهرين على نباتات مكتب الإرشاد بالمقطم، واليوم تنطبق على مشتل ورود بمنطقة رابعة العدوية كان مصدر رزق لأحد المواطنين قُدر له أن يقع محل عمله في تقاطع شارعي "النصر والطيران" بمحيط "رابعة العدوية"، فخوفه على رزقه هو ما دفعه للبقاء أيام الاعتصام، خوفًا من احتلال الإخوان لمحله أو استغلاله لأغراضهم الشخصية؛ ليكون شاهدًا على أول تفاصيل فض الاعتصام من داخل صفوف الإخوان.
"محمد أحمد"، عامل بمشتل ورود بمحيط "رابعة العدوية"، كان حريصًا على النزول كل يوم من منزله إلى العمل بالرغم من إغلاقه إثر اعتصام الإخوان في الميدان، واعتاد أنصار "المعزول" رؤية محمد في الجوار، واعتاد هو أن يتجنب إثارة حفيظتهم بأي الطُرق، واتفقا في المبدأ فصار أحد المجاورين لهم المُخالف لعقيدتهم، وظل "محمد" على موقفه حتى ساعات الفض، عندما أفاقته مكبرات صوت قوات أمن فض الاعتصام في السادسة والنصف من صباح 14 أغسطس الجاري قائلة: "اخرجوا سلميين.. هنفض الاعتصام"، بقي محمد في مكانه؛ فخوفه من فاعليات الفض غير المتوقع ردود فعلها من الإخوان جعله ينتظر خوفًا على محل رزقه.
"الإخوان" هددوني كي لا أتحدث عما رأيته.. وعدت إلى "المشتل" خوفا من تهورهم
"باشرت قوات الأمن فضها بإلقاء قنابل الغاز المُسيل للدموع، فيرد عليها الإخوان بإشعال إطارات السيارات في مداخل الاعتصام، وإلقاء المولوتوف، وإحراق إحدى مدرعاتهم"، هكذا يسرد "محمد" تفاصيل الفض الأولى بين الإخوان، ويقول: "وقفت بين صفوف أنصار المعزول المضطربة، الكل يذهب ويعود مترقبًا قدوم أقرب من قوات الأمن، ومع تزايد إطلاق الغاز المُسيل للدموع، قام الإخوان ممن يكنون الأسلحة إخراج ما لديهم، فانتشر حاملو الآلي والخرطوش بين صفوف المعتصمين في شارعي النصر والطيران، بدأ الإخوان في إطلاق الأعيرة النارية مرارًا وتكرارًا، ومع نفاد سبيل قنابل الغاز في فض الاعتصام على يد الأمن؛ ردت القوات على الإخوان بالأعيرة النارية أيضًا".
يذهل "محمد" المشهد: "ماذا أفعل الآن، وماذا سيحل بمصدر رزقي"، واختار محمد اللزوم مكانه داخل المشتل وإغلاق أبوابه، هروبًا من اختناق الغاز ومن طلقات النيران، لتستفزه أصوات التحطيم المنبعثة من أمام المشتل للخروج من محبسه، قائلًا: "لم أتوقع أن أرى حطام البلاط أمام المشتل، يُخفي تحت رماله أسلحة نارية، مجموعة من الإخوان تُخلع البلاط وتسترد من تحت رماله، لفاف مشمع به 12 فرد خرطوش، وبجوارها أعلى الرصيف، استعدادات التعامل مع قوات الأمن، نصف شكارة طلقات خرطوش".
كان تهديد أنصار المعزول لمحمد بألا ينطق حرفًا مما رآه، كفيلًا بجعله صامتًا مكانه، فلم يُدهشه شكهم فيه، وتفتيش محتوى هاتفه خوفًا من تصوير ما يفعلوه، ليختبئ بمحل رزقه هروبًا من أدخنة الغاز، وتهور أنصار المعزول في الرد على قوات أمن فض الاعتصام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق