السبت، 1 فبراير 2014

بعد أن دفعت أسرتها‏3‏ ملايين جنيه لإنقاذها‏:‏ الخاطفون يستخدمون أموال الفدية في تمويل الإرهاب

رغم ما قدمته من خدمات علمية وخبرات طبية للمساهمة في شفاء المصريين من أمراض الكبد خاصة فيروس سي‏,‏ ورغم أن دعوات مرضاها لها تملأ مواقع الانترنت أكثر من اخبارها إلا أنها مرت بتجربة أليمة رأت فيها الموت بعينيها.
فلم تستطع أن تقدم روشتة علاجية لنفسها تواجه بها نوبات السكر التي هاجمتها أثناء احتجازها في مكان مجهول.. انها الدكتورة نادية لطفي الأنصاري استاذة الباطنة وعالمة أمراض الكبد والجهاز الهضمي الأشهر في مصر, حيث تعرضت للاختطاف علي ايدي عصابة مسلحة احتجزتها10 أيام حتي تم دفع3 ملايين جنيه فدية لإطلاق سراحها في السطور القادمة تروي الدكتورة نادية الأنصاري تفاصيل ما تعرضت له.
حيث قالت: إنها أثناء عودتها من العيادة بسيارتها قيادة سائقها الخاص, فوجئت لدي وصولها الي مدرسة مجلس الوزراء بالحي السابع بمدينة العبور بـ3 سيارات لا تحمل أرقاما تقطع عليها الطريق, حيث ترجلت منها مجموعة مسلحة أطلقوا أعيرة نارية في الهواء, وقام أحدهم بوضع سلاح أبيض علي رقبة السائق وآخرون قاموا بإنزالي من داخل السيارة وارغامي علي ركوب احدي سياراتهم بعدما وضعوا عصابة علي عيني كي لا أري الطريق, وكل ذلك تم علي مرأي ومسمع من حراس المدرسة والعقارات المجاورة, وهنا تدخلت نجلتها د. أميرة الأنصاري وذكرت أنها وأشقاءها ذهبوا الي المكان الذي اختطفت فيه والدتها وتقابلوا مع الجيران الذين ذكروا لها اختطاف رجل أعمال من نفس المكان وعودته بعد ما يقرب من أسبوعين بعد دفع الفدية وبرروا عدم تدخلهم لإنقاذ والدتها بخوفهم من اطلاق النار العشوائي الذي قام به الجناة, وواصلت د. الأنصاري كلامها, حيث ذكرت أن المختطفين قاموا بالسير بها وسط طريق غير ممهد ويهيأ لها أن المكان الذي وصلت اليه يقع مابين الخانكة وبلبيس, حيث تم احتجازها داخل منزل ريفي بعدما جردوها من محتويات شنطتها, حيث سرقوا50 ألف جنيه قيمة جمعية قبضتها في نفس اليوم, بالاضافة الي الفي دولار ومثلهما ريالات سعودية استعدادا لقيامها بعمرة في نفس توقيت تعرضها للحادث.
وأشارت إلي أن الخاطفين لم يوضحوا لها السبب الرئيسي لقيامهم باختطافها, حيث قالت لهم ايه اللي بيني وبينكم أنتوا أكيد غلطانين.
فلم تجد اجابة سوي من أحدهم, حيث قال إنه أمر الله, وذكر لها انها رهينة لديهم ولن تخرج إلا بدفع10 ملايين جنيه فدية, وأضافت أن العصابة كانت تضم فتاتين كبيرتين وحراسا وكانت تجلس في الغرفة المحتجزة بها ومعها3 حراس مسلحين لا يفارقونها, حيث فوجئت بعد مرور3 أيام بدخول شخص تبين لها بعد ذلك أنه من سيناء, حيث قال لها بلهجة بدوية هنخليكي تكلمي ابنك دلوقتي وما تفتحيش خشمك بكلام عن دواء الكبد, وتقوليله ينفذ المطلوب منه وبس, فرفضت في البداية الحديث مع نجلها بدعوي أنها لا تعرف علي ماذا تم الاتفاق إلا أن الشخص نفسه قال لها إن زعيمهم, ويطلقون عليه( شيخ العرب) سوف يأتي إليها يرافقه حراسه المسلحون وحذرها من التلفظ بأي شيء عدا المطلوب منها حتي لا تصاب بأذي, وعندما رفضت مجاراتهم هددها الشخص السيناوي بأخذها الي سيناء لتلقي مصيرا مظلما هناك, حيث انهم يحتاجون إلي المال قبل يوم24 يناير لأن هناك أمورا في الدولة أهم منها, فعلمت الأنصاري أن الأمر مرتبط بحوادث العنف والإرهاب وتمويلها خلال الفترة الحالية, وهو ما يؤكد دخول عمليات الاختطاف أخيرا في تمويل العمليات الإرهابية من قبل المختطفين.
وذكرت نادية الأنصاري أنها تأكدت من أن خاطفيها عصابة محترفة ومنظمة, حيث كشفت عن سماعها صراخ طفل في الغرفة التي جاورتها, ثم اختفي الصراخ فجأة, حيث علمت أن أسرته تسلمته بعد دفع فدية7 ملايين جنيه, ولكن أبدت اندهاشها من تعمد الرجل السيناوي ذكر أمر دواء الكبد لها وتحذيرها من الحديث عنه مع ابنها فهي كانت عضوة لجنة ذهبت الي لندن للتفاوض حول دواء جديد لعلاج فيروس سي, ولم تتوصل الي اتفاق مع الشركات الأوروبية المنتجة بسبب ارتفاع سعره الي80 ألف دولار, ورفضت الشركات دعمه لنا لأنها لم تحقق أرباحها حتي الآن فكيف للخاطفين معرفة مثل هذه الأمور, ولماذا يختطفونها بشأن شيء لم يتم, لذا رجحت نادية الانصاري كفة أن يكون هناك خائن في دائرة العمل المحيطة بها, وقام بتسليم معلومات عنها وخط سيرها للعصابة لتقوم بجريمتها. وعادت نجلتها لتستكمل حديثها, حيث قالت: طرقنا أبواب الأمن بإبلاغ الجهات المختصة ومعارفنا من قيادات الداخلية, وقد قدموا لنا نصائح بعد كل مكالمة نتلقاها بمسايرتهم ومفاوضتهم حول المبلغ المطلوب لكن مع مرور الوقت لم نجد أي تقدم سواء برصد مكان اختطاف والدتنا أو حتي بيانات عن الاتصالات التي تتم مع أفراد العصابة رغم تحديد بيانات أحد الخطوط المستخدمة, لذا اضطررنا الي اللجوء للعرب في المناطق المحيطة الذين استمعوا لأحد التسجيلات مع العصابة ونبهونا الي كون الخاطفين ليسوا من أهل المنطقة ولهجتهم ليست من عرب المكان, ولكنها تقترب من لهجة السيناوية, ويمكن أن تكون لأشخاص من أصل أردني أو فلسطيني, وذكرت أميرة الأنصاري أن آخر3 أيام من عملية الاختطاف شهدت شدا وجذبا بين شقيقها وأفراد العصابة الذين أصروا علي مبلغ10 ملايين جنيه, بينما أصر الابن علي3 ملايين جنيه وهو الواقع الذي يمتلكه في يده فوجد لهجة تحذيرية من الخاطف قائلا: خليكوا في الواقع بتاعكم واحنا هنتصرف, وبعد يومين قاموا بالاتصال بالابن وأسمعوه صوت والدته المختطفة بعدما ارغموها علي اخباره بأن ينفذ مطالبهم, وهنا أخبرهم محمود الانصاري بأنه لم يستطع جمع سوي3 ملايين, وأخبرهم بأن والدته صحتها تتدهور وسيخسرون جميعا إذا حدث لها مكروه فلن تجني العصابة سوي خسارة المال وانتقامنا منهم بأي وسيلة, فرضخوا لكلام الابن وافقوا علي التسليم عن طريق وسيط وهو شيخ بالهرم, حيث خرج الابن وسط مايقرب من36 شخصا و8 سيارات لمرافقة الوسيط والمال, حتي وصلوا الي الصالحية فأمرته العصابة بأن يدخل الوسيط الي أحد المزارع, وقامت6 سيارات بدون نمر بمحاصرته وتسلم المال, وأخبروا الابن بإطلاق سراح والدته تحت كوبري الدائري.
وهنا التقطت نادية الأنصاري أطراف الحديث, وأشارت الي كذب العصابة, حيث قاموا بتعصيب عينيها بإيشارب سيناوي أحمر, وقام كبيرهم الملقب بشيخ العرب بتوصيلها بسيارة رفقته3 مسلحين الي المنطقة الصناعية بالعبور وتركوها هناك حيث سارت علي قدميها الي الطريق الرئيسي وهناك استوقفت سيارة ملاكي اعادتها الي منزلها لتنهي رحلة10 أيام من الاختطاف, رأت فيها أشد ألوان العذاب النفسي والإرهاق البدني لتجد أفراد أسرتها فرحين بعودتها سالمة, وإن كانوا حتي الآن لا يشعرون بالأمان خاصة بعدما وجدوه من بطء في الاجراءات من قبل الأمن, وكذلك نقابة الأطباء التي لم تفعل شيئا للضغط علي حل لغز اختطاف أشهر أستاذة لأمراض الكبد والجهاز الهضمي. وتختتم كلامها بمناشدة الأمن قائلة: إنني أتذكر بكل فخر كلامك بأنك لن تسمح بترويع المواطنين, لذا أناشدك بمخاطبة الأزهر بإصدار فتوي تحلل القضاء علي هذه البؤر الإجرامية التي لم تفرق بين غني أو فقير في عمليات الخطف, المهم عندهم هو جني المال الحرام وصرفه ضد الدولة في العمليات الإرهابية بعدما تعاملت مع أناس ليس لديهم وازع ديني أو اخلاقي, ويتحدثون بالقرآن والأحاديث غير مبالين بفداحة جرمهم.
وفي النهاية غادرنا منزل العالمة التي تنتقل من مكان الي مكان لعدم شعورها بأمان البقاء في مقر واحد, والغريب أن وجهها اعتلته الابتسامة في وداعنا, كما تعودت علي فعل الأمر نفسه مع مرضاها والمحيطين بها, وإن كانت في عينيها دمعة حزن من الحادث الذي تعرضت له.


المصدر الاهرام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق