الخميس، 2 يناير 2014

القضاء الإدارى فى حكم تاريخى لا يجوز لحركة تمرد التدخل في شئون الوظائف العامة

هيئة المحكمة برئاسة المستشار محمد خفاجى


اصدرت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة حكما تاريخيا‏,‏
أكدت فيه أنه ولئن كان للحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وما يسمي بالنشطاء الحقوقيين دور في تكوين رأي عام مستنير, إلا أن دورهم يقف علي أعتاب مراعاة حدود القوانين دون التغول عليها مما لا يجوز لهم التدخل في شئون الوظائف العامة أو التأثير علي سير المرافق العامة في الدولة ودون الاعتداء علي سلطات الدولة الدستورية والقانونية.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبدالحميد متولي, وذكي الدين حسين وأحمد مكرم نواب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار وكيلة وزراة الصحة بكفر الشيخ, فيما تضمنه من تكليف الدكتور الشحات قطب سلامة مديرا للادارة الصحية بسيدي سالم, وما يترتب علي ذلك من آثار اخصها تعيين الدكتور أحمد ضياء الدين أبوخوات مديرا لتلك الإدارة إعمالا لما انتهت اليه اللجنة المشكلة لاختيار القيادات دون الاعتداد باعتراض حركة تمرد أو نقابة الفلاحين ودون الخضوع لفترة الاختبار المقررة للوظائف الدنيا وليست القيادية علي النحو المبين بالأسباب وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان والزمت الإدارة بالمصروفات.
وكانت وكيلة وزارة الصحة بالمحافظة قد أصدرت قرارا في13 أغسطس2013 بتعيينالدكتور أحمد ضياء الدين أبوخواتفي وظيفة مدير الإدارة الصحية بسيدي سالم بناء علي ما انتهت اليه لجنة اختيار القيادات وقبل انقضاء24 ساعة علي صدوره أصدرت قرارا آخر في صباح اليوم التالي مباشرة بتعيين طبيب آخر في تلك الوظيفة استنادا الي فاكس وصل اليها من رئيس مركز ومدينة سيدي سالم يفيد اعتراض حركة تمرد ونقابة الفلاحين علي تعيين الأول رغم حصوله علي المركز الاول عن طريق لجنة القيادات بالمديرية.
قالت المحكمة إنه ولئن كانت للحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني دور فعال لتمكين المواطنين من المشاركة والانخراط في تحسين مستواهم باعتبارهم شركاء في عملية التنمية ولتكوين رأي عام مستنير لحمل الحكومات علي احترام الحريات مما يؤدي الي التلاحم بين الشعب والقيادة في المشاركة الايجابية في تحقيق التقدم والرخاء الا أن دور الحركات السياسية يقف في كل الأحوال علي اعتاب مراعاة حدود القانون, وعدم التغول عليه أو الانتقاص منه, مما لا يجوز معه علي تلك الحركات السياسية التدخل في شئون الوظائف العامة أو التأثير علي سير المرافق العامة علي وجه معين أو النيل من انتظامها باضطراد أو الوساطة في تعيين البعض دون الآخر, فحينئذ تكون قد خرجت عن نطاقها المرسوم لها, وافتأتت علي حقوق الآخرين وتغولت علي ممارسة سلطات الدولة لاختصاصاتها الدستورية والقانونية وهو مالم تتلقفه العقول بالقبول وغير جائز قانونا.
وأكدت المحكمة ان اللجنة المشكلة لاختيار القيادات هي المنوط بها تقييم المتقدمين لشغل الوظائف القيادية ويتوج عملها بقرار السلطة الادارية وان وكيلة وزارة الصحة اصدرت قرارا في13 اغسطس عام2013 بتعيين المدعي مديرا للإدارة الصحية بسيدي سالم لكونه أفضل العناصر طبقا لترشيح اللجنة المشكلة لاختيار القيادات إلا انه لم يمض يوم واحد حتي اصدرت وكيلة الوزارة قرارا بتعيين اخر استنادا الي الفاكس الذي ورد اليها من رئيس مركز ومدينة سيدي سالم يفيد اعتراض حركة تمرد ونقابة الفلاحين علي تعيين الأول, وبهذه المناسبة كان يتعين علي وكيلة وزارة الصحة وهي علي القمة في مرفق الصحة بالمحافظة ولها من الخبرة والدراية ألا تنصاع لتدخل أعضاء حركة تمرد أو نقابة الفلاحين في شئون الوظيفة العامة بل كان يجب عليها أن تصدع لأحكام القانون بحسبان انه لا يجوز للحركات السياسية التدخل في تسيير المرافق العامة أو في شئون الوظيفة العامة في مصر فهي ليست علاقة تعاقدية حتي يمكن التدخل فيها بل هي علاقة تنظيمية تخضع للقوانين واللوائح ومن ثم فإن القرار المطعون فيه لم يستهدف المصلحة العامة ويكون مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة.
كما أضافت المحكمة في حكمها التاريخي انه لا يفوتها أن تشير وهي جزء من نسيج هذا الوطن إلي أنه يتعين علي كبار المسئولين في الدولة تنفيذ واحترام أحكام القانون في شغل الوظائف العامة وفي تسيير ادارة مرافق الدولة إعمالا للنظم واللوائح المنصوص عليها دون الاستجابة لمحاباة أو الخضوع لموالاة تساهلا أو تخاذلا, ونظرالأن الدعوي المائلة كشفت عن تدخل الحركة المذكورة للسعي لاصدار القرار المطعون فيه والخضوع غير البصير لرئيس مجلس مدينة سيدي سالم ووكيلة وزارة الصحة استنادا لهذا التدخل السافر في الشأن الوظيفي علي خلاف حكم القانون مما يكون معه للسلطة الرئاسية الأعلي وهو المحافظ ان يحاسبهما علي هذا الجرم الوظيفي كي لا يحدث ذلك مستقبلا.
واختتمت المحكمةحكمها أن الدولة القانونية هي تلك التي يخضع فيها نشاط الادارة الي احكام القانون بحيث لا تتصرف فيها بطريقة استبدادية باعتبار ان المرافق العامة ترمي الي سد احتياجات تتصل بنفع عام مثل مرفق الصحة مما يتوجب فيه علي المسئولين خاصة القيادات العليا اتباع القواعد والنظم التي يقررها القانون لشغل الوظائف بما يؤدي الي سير المرافق العامة بانتظام واضطراد, كما يلزم توافر مبدأ خضوع الادارة للقانون بحيث تكون له الغلبة والسيادة وفيه تخضع أعمال الإدارة لنصوص القانون وهذا الخضوع يعد ضمانا للمواطنين ضد تعسف السلطة الإدارية وأن وجود مثل هذا الضمان في كل دولة أمر تحتمه الأوضاع السليمة في النظم الديمقراطية الحديثة.


المصدر الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق