أبواق أمن الدولة عادت لممارساتها مدعومة بالتفويض.. والإخوان تورطوا فى قرارات غير عقلانية
فى الوقت الذى تعد فيه لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى لجلسة بحث الأوضاع فى مصر، الثلاثاء المقبل، نشر مركز أتلانتيك للدراسات السياسية مقالا تحليليا للدكتور عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية، تحت عنوان «مصر بعد 3 يوليو.. الديمقراطية فى مفترق طرق»، أكد فيه أن عددا كبيرا من السياسيين، على الرغم من اختلافهم الأيديولوجى، دعموا تدخل الجيش المصرى فى السياسة والإطاحة برئيس منتخب دون الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وكذلك تعليق العمل بالدستور دون استفتاء شعبى.
وأضاف «حمزاوى»، فى مقاله، أن «زعماء التيارات اليسارية والليبرالية أبدوا سعادتهم بالتعاون مع سلطة الأمر الواقع فى مصر، التى فرضت نفسها بعد 30 يونيو، بالرغم مما شهدته مصر من انتهاكات تمثلت فى إغلاق قنوات فضائية واعتقال قيادات سياسية فى حركات وأحزاب اليمين الدينى وفض اعتصامى رابعة والنهضة، بل إنهم التزموا الصمت بدلا من إدانة القمع».
وأكد «حمزاوى» أن «أبواق أمن الدولة تبنت ممارسات إقصائية وخطاب كراهية بحجة أن الشعب فوّض الفريق السيسى لمواجهة الإرهاب، ما يعنى تبرير العنف الذى تمارسه الدولة وتجاوز سيادة القانون وتجريد المجتمع من إنسانيته؛ لذلك أسهم تخلى الأحزاب السياسية عن مبادئ الديمقراطية فى عودة ممارسات أمن الدولة القمعية وانتشرت بين الناس عبارات مثل الحرب على الإرهاب والحل الأمنى، وفى المقابل تورطت جماعة الإخوان وحلفاؤها فى قرارات سياسية غير عقلانية وانخرط بعضهم فى أعمال عنف وأصبح الحديث عن العدالة الانتقالية والسلام الاجتماعى مجرد كماليات».
وأشار «حمزاوى»، فى المقال، إلى أن «سلطة الأمر الواقع شرعت فى اتخاذ إجراءات استبدادية، منها: مد العمل بقانون الطوارئ وصياغة قانون للتظاهر الذى يقيد الحق فى الاحتجاج ويعطى وزارة الداخلية سلطة مواجهة الاحتجاجات والمسيرات ويجرم الاعتصامات، وعلى الرغم من ذلك ما زالت أحزاب وشخصيات ليبرالية ويسارية تبدى استعدادا للتعاون مع القوى الحاكمة فى مصر، وانضموا للجنة المعينة لتعديل الدستور ووافق بعضهم على مواد تجعل الجيش دولة فوق الدولة، وتهدم الطبيعة المدنية للدولة وحقوق وحريات المواطنين من أجل الإبقاء على المحاكمات العسكرية للمدنيين». وبحسب «حمزاوى» فقد «أصبح واضحا أن الحركة الديمقراطية لن تكون قادرة على الاعتماد على تلك الحركات الليبرالية واليسارية وقيادات أحزابهم؛ فهم يفتقدون شجاعة الانسحاب من المشهد السياسى والدستورى الراهن، فضلا عن تسرع بعض الشخصيات العامة فى دعم الدعوات المطالبة بترشيح وزير الدفاع لرئاسة الجمهورية، والترويج لمنطق أن هناك فرقا بين رئيس عسكرى وعسكرة النظام، فيما يقول البعض إنه من الممكن الترشح لكن بشروط، ومن ثمّ سيطرت العسكرة على المخيلة الجماعية للمصريين منذ اعتقدوا فى 3 يوليو أن العسكرية هى منقذ مصر».
وأضاف «حمزاوى» أن «من يطالب بوقف إراقة الدماء والمصالحة والعدالة الانتقالية يتعرض لموجة انتقاد شديدة، فيما يتصرف البعض وكأن الاستقرار سيحدث عندما توظف الدولة العنف والقوة الغاشمة بدلا من دعم العدالة وسيادة القانون، ويروجون لدعوات العمل والإنتاج لتضليل الجمهور وإعادته لثقافة الصمت من جديد».
وقال «حمزاوى»، فى مقاله: «إن الوضع فى مصر تجاوز حدود المجتمع الإنسانى المعاصر الذى يستند إلى أولوية السلم الاجتماعى والتسامح والتفاوض ونبذ العنف وبناء الديمقراطية وحرية الأحزاب السياسية. وبعد 3 يوليو أصبح هناك جدار سميك يعزل بين معظم الأحزاب اليسارية والليبرالية والحركة الديمقراطية فى مصر؛ فقد تخلوا عن مبادئ وقيم الديمقراطية وقبلوا المساس بمصداقيتهم السياسية والأخلاقية وانتهاك الحقوق والحريات». واختتم «حمزاوى» رؤيته بالتأكيد أن «الحركة الديمقراطية فى مصر عادت إلى حيث بدأت فى غرفة صغيرة، من خلال طلاب الجامعات وبعض نشطاء المجتمع المدنى والشخصيات العامة، لبلورة بدايات نضال مثل مبادرات لا للمحاكمات العسكرية، ومن المهم الاستمرار لتأكيد وجود نقطة انطلاق لتجديد لبنات النضال وممارسة النقد الذاتى ومواجهة تحديات الديمقراطية فى مصر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق