كانت هي الساحة التعبيرية التي ضمت جدرانها كل اللافتات الاحتجاجية والمطالب قبل فجر 25 يناير.. إنها نقابة الصحفيين التي شهدت على معظم الأحداث التي سيذكرها التاريخ على مدار أعوام عدة، وحوت الوقفات الاحتجاجية في زمن مبارك، والتي تم تطويقها من الجهة الأخرى بعساكر الأمن المركزي الذين منعوا المظاهرات الاحتجاجية من بلوغ الشارع.
وعقب ثورة يناير، انطلقت من جدرانها صرخة امتدت إلى جدران وسط المدينة وشارع محمد محمود ومنطقة مجلس الوزراء والعباسية، وحتى تلك المنطقة المرفهة، مصر الجديدة، وتمخّضت الجدران فأنجبت فن الجرافيتي والصور التعبيرية التي تحكي قصص أعظم ثورة في تاريخ مصر الحديث.
وقررت حينئذ جدران نقابة الصحفيين أن تكتفي بتخليد ذكرى أبنائها، فبخطوط سوداء عريضة وباستخدام فن الجرافيتي تم تشكيل رسمتين تمثلان وجهين لعملة واحدة، هي كشف الحقيقة والبحث عنها، وكان الوجه الأول لأحمد محمود، الصحفي الذي استشهد برصاص داخلية مبارك وأُصيب يوم 29 يناير أثناء تصويره لانتهاكات الداخلية آنذاك، للحفاظ على حياة وزيرها المسجون حبيب العدلي، أما الوجه الآخر، وهو الأكثر شيوعًا وشهرة بين أوساط الصحافة، فكان للحسيني أبو ضيف، الصحفي الذي قُتل غدرًا أثناء تصويره لبعض المشاهد المدينة لجماعة الإخوان المسلمين أثناء أحداث قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي.
ومع قدوم 30 يونيو الموجة الثورية الثانية لثورة يناير، أبت الجدران أن تحوي أي خطوط ولفظت حتى فلذات أكبادها لتغدو صفحة بيضاء لا يشوبها رسوم جرافيتي تخلّد لذكرى ما أو جملة احتجاجية تندد بالأحداث أو لافتة تحوي مطالب مشروعة، فأُزيلت كل الرسوم والجمل يوم 30 أكتوبر 2013، بعد أكثر من عامين كانت فيهما النقابة هي قبلة التعبير عن الآراء.
المصدر الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق