السبت، 30 نوفمبر 2013

وجدى الكومى يكتب: المتباكون على دولة «جمال» وينشدون عودة «القمع».. لو عاد «ناصر» للحياة لحبسكم .. كيف تؤيدون ترشيح الفريق أول السيسى لرئاسة الجمهورية وأنتم من دعوتم لانتخاب «صباحى»؟

هذا جيل لا يريد أن يفسح المجال لشباب ثورة يناير، هذا جيل يبكى على دولة «جمال عبدالناصر» ويختزلها فقط فى «الكاب» و«القايش» و«البيادة»، ويرى أنها المنجى من الشر المستطير الذى يسمى «شباب ثورة يناير»، هذا الجيل اكتفى كل عام بالوقوف على ضريح «جمال عبدالناصر» فى ذكرى رحيله، أو فى ذكرى ثورة يوليو، ثم يتناولون العشاء مع رجال «مبارك» فى المساء، بعدما يكونوا قد انتهوا من حلقة «توك شو» مثيرة فى الفضائيات، قارنوا فيها بين العصرين، ليسيروا على خط الزعيم بأستيكة، لمحو إنجازاته، حتى بالصمت العاجز قليل الحيلة.
هذا جيل أفراده لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا بـ«ناصريته»، لم يقاوموا الانقلاب «الساداتى» الذى حدث فى السبعينيات، واكتفوا بالهجرة إلى العراق، وغيرها من الدول «البعثية» التى حاولت أن تتبنى التجربة الناصرية، لتبرر قمعها وديكتاتوريتها، هذا جيل طار أغلب رموزه إلى دول الخليج، وارتضوا بالعمل بها، وأثروا، وتنعموا، قبل أن يعودوا إلى مصر فى زمن «مبارك» ليكتفوا بالتنظير، والمن على المصريين، بإنجازات عهد «عبدالناصر» التى فى الحقيقة لم يشاركوا فيها، إنما وقفوا تحت مظلتها، ونسبوا أنفسهم إليها، بحكم الإيمان بنفس الشعارات، لكن ما عملهم؟ ماذا قدم الناصريون إلى مصر بعد موت عبدالناصر؟ ماذا فعل الناصريون الذين يتمنون عودة دولة العسكر بعد ثورة شعبية عظيمة وعارمة، دفع ثمنها شباب وٌلد وتربى وشب وكبر، ضائعا تائها، فى زمان «مبارك»، ماذا فعل الناصريون لهؤلاء الشباب؟
دولة «جمال عبدالناصر» التى يتباهى بها الناصريون استطاعت أن تبنى مصانع، وأن تنتصر للعدالة الاجتماعية للمصريين، وأن يعتمد اقتصادها على نفسه لأول مرة على الرغم من خوضها عدة حروب، ولكن هذه الدولة أيضا أهانت القضاء المصرى فى فترة من الفترات، وألغت الأحزاب، ونمت خلالها قوة الدولة البوليسية، فكان التجسس على المواطنين والخصوم أمرا يسيرا شائعا، وكانت تهمة الانتماء للنظام البائد حاضرة وجاهزة لكل المعارضين، كما أن هذه الدولة نفسها نكلت بعدد من مناصريها، والأمثلة كثيرة، ولعل أبرزها، واقعة إرسال جمال عبدالناصر عددا كبيرا من مثقفى زمنه، ومنهم «صنع الله إبراهيم» إلى سجن الواحات، فى الفترة من 1959 إلى 1964 على غرار المثقفين الروس الذين سجنهم «ستالين» فى عهده، ومع ذلك استمروا فى دعمه.
ومن اللافت هنا، أن دعاة الناصرية فى هذا الزمن، الذين تأخروا عن شباب الثورة فى اللحاق بميدان التحرير، نتيجة الفارق التكنولوجى الهائل بينهم وبين الشباب الذى دعا عبر الإنترنت لتنظيم المظاهرة يوم 25 يناير، من اللافت أن هؤلاء الناصريين، يؤيدون الآن دولة القمع، والبطش، بالرغم من أن أكبر رموز الناصرية حمدين صباحى، لا يحمل رتبة عسكرية، ولا ينتمى للقوات المسلحة، وإذا ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى للرئاسة، حسب دعوات الناصريين، فستكون فرصة «صباحى» منعدمة، ومن اللافت أيضا، أن جيل الناصريين، المتباكى على دولة «عبدالناصر» يؤيد وبقوة قانون التظاهر، بالرغم من أن القانون باطش، وتجلى هذا فى أحداث الثلاثاء 26 نوفمبر، حيث كشرت الداخلية عن أنيابها، ونكلت بأقصى ما أوتى لها من قوة، بشباب الثورة، الذى نزل للتظاهر ضد القانون.
واللافت هنا أيضاً، أن الناصريين ينظرون عودة الدولة الباطشة، باعتبارها أملا وحلا للاستقرار، والاقتصاد الاشتراكى المزدهر «ترحيبهم بالاتجاه إلى روسيا يجسد هذا»، ولكن الدولة الباطشة بالتأكيد لن يقوم لها قائمة، لأن دولة العدل هى التى تستمر إلى قيام الساعة، فيما تنهار دولة الظلم، خلال ساعة.
هل سيحب جمال عبدالناصر، إذا عاد للحياة فجأة، إجراءات القمع التى نشهدها كل لحظة، والتى تسير فى طريقها الدولة بخطوات واثقة، وسط تأييد من «الجوقة الناصرية» هل سيؤيد عبدالناصر الحبس والبطش الذى تجريه الدولة الآن، فى 2013، تجاه هذا الشباب الطاهر، الذى دفع دمه ثمنا، لإنهاء سيرة البطش، التى استمرت أكثر من 60 سنة، بالتأكيد لا، جمال عبدالناصر إذا عاد بيننا إلى الحياة اليوم، لن يرحب بنفس أسباب انكسار دولته، فى نكسة 1967، لن يؤيد قانونا للتظاهر، الذى استغلته وزارة الداخلية، لاستعادة مجدها فى البطش ضد المتظاهرين الذين اقتادوهم مثل النعاج وكبلوهم داخل أحد المبانى البرلمانية المهمة، التى يتم داخلها إعداد دستور الثورة.
إذا عاد جمال عبدالناصر للحياة، سيحبس هؤلاء، الذين يريدون تكرار أسباب هزيمته، وسيوقف إجراءات القمع والبطش والتنكيل، بالشباب الطاهر، الذى دفع من دمه ثمنا للحرية والعدل والكرامة.




المصدر اليوم السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق