انزوى عن الأضواء، عقب إقالته من منصبه فى مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وآثر الصمت، لكنه فى هذا الحوار، الذى خص به «الوطن» أكد على الشريف القيادى التاريخى فى الجماعة الإسلامية، أن اتجاه الإسلاميين إلى العمل السياسى كان خطأً، وأن الظروف التى شارك فى إطلاق مبادرة وقف العنف فيها تشابهت الآن، وهذا ما دفعه للحديث، بعد أن رأى كثيراً من الشباب يخلط ما بين الحكم والفتوى، فوقع فى المحظور والعنف من حيث لا يدرى.
التكفيريون يلقون بأنفسهم إلى التهلكة.. والبعض يخلط ما بين الفتوى والحكم الشرعى.. وعلى القيادة الحالية مراجعة موقفها
«الشريف»، قال: إننى لم أترك الجماعة الإسلامية، لكنهم من تركونى وأنا لا أحب الإمارة والسياسة، ولن أعود إلى مجلس شورى الجماعة، لأننى لا أستطيع الذهاب لناس تكرهنى، مضيفاً أن خطأ قيادة الجماعة الحالية أنهم كانوا محرومين من السياسة، فلما فتحت لهم الأمور انكبوا عليها وقصّروا فى الدعوة إلى الله، ولا بد على القادة أن يفكروا فيما ينبغى أن يكون، بدلاً من أن يذهبوا بأفرادهم إلى التهلكة.
■ أبدأ من وجود تمرد داخل الجماعة الإسلامية ومجموعات تطالب بعودتكم إلى قيادة التنظيم، ثم إعلان الجماعة عن وجودك مع القيادة الحالية؟
- أود أن أؤكد أننى لن أعود إلى مجلس شورى الجماعة الإسلامية، و«نفسياً ماقدرش أروح لناس تكرهنى أقول لهم لا بد أن أرجع»، فأنا لم أترك الجماعة لكنهم هم من تركونا، ونحن لا نحب الإمارة والسياسة.
■ المتمردون على قيادة الجماعة الحالية، يرون أنها انحرفت عن طريق مبادرة وقف العنف، أليس هذا كافياً لعودتكم إلى تصحيح المسار؟
- أولاً أؤكد أننى غير موافق على كلمة «انحرفت»، لكن خطأهم الكبير، أنهم كانوا محرومين من السياسة، فلما فتحت لهم الأمور بعد الثورة، انكبوا على السياسة بشكل كامل، وقصّروا تقصيراً كاملاً أيضاً فى الدعوة، فليرجعوا إلى مساجدهم، وإلى الدعوة التى تجمع ولا تفرّق، وتبنى ولا تهدم، لأن هذه هى الأسس التى اتفقنا عليها وخرجنا بها من مبادرة وقف العنف.
■ هل أنت مقتنع أنهم ما زالوا مقتنعين بالمبادرة، رغم أن الفريق الذى يقود الجماعة الآن يشارك فى فعاليات أدت إلى عنف مجتمعى كبير؟
- أظن أنهم لن يعودوا إلى حمل السلاح والعنف، وعمل التنظيمات المسلحة السرية.
■ لكن العنف ليس حمل سلاح فقط، بل يمكن أن يكون مظاهرات تؤدى إلى قتلى، وتحالفات تؤدى إلى سفك دماء؟
- كل القيادات التى تقود الجماعة الآن كانوا مقتنعين بالمبادرة، ورفضوا استخدام السلاح مجدداً، وخرجوا من السجون وهم موافقون على ذلك، لكن ما يجرى الآن، بسبب مناخ العمل السياسى الذى تورطوا فيه، والأعمال التى تؤدى لمثل ما قلت لى، وأنا أوجه لهم دائماً النصائح بأن يتركوا أى عمل يؤدى إلى مفسدة، وفى أول خطبة جمعة خطبتها بمحافظة قنا، طلبت من كل الحضور الاتجاه إلى الدعوة وترك السياسة، وهذا هو دورى، بأن أنصحهم، وأوضح لهم الحق.
■ لكننى أرى أنه لم يبقَ من مبادرة وقف العنف التى شاركت فى إطلاقها أى شىء؟
- المبادرة كان لها منطلق شرعى، وهو أن الأمر الذى لا يتحقق مراده فالسعى إليه ليس صحيحاً، مثل من يدخل قتالاً وهو يعلم أنه مغلوب، وستحدث مفاسد لا أول لها ولا آخر، فإن قتاله لا يجوز، وهو بلا شك أمر مرفوض، رغم أن الآيات تأمر بالقتال، فمآل الأمر إذا كان سيؤدى إلى مفسدة هو منعه، والأمر الشرعى لا يُكتسب من التنفيذ، بل من نتيجته، مثل تغيير المنكر، رغم أن هناك أدلة كثيرة تجيز تغيير المنكر لعوام الناس، لكنه إذا أدى إلى مفاسد، فإنه يصبح غير جائز.
على الشريف
■ هل تقصد أن الشباب الآن يخلطون الأوراق، ويرتكبون أعمالاً يظنون أنها صالحة لكنها حرام؟
- نعم.. فهناك حكم شرعى، وكذلك فتوى، وتنزيل الحكم على الواقع هو الفتوى، يعنى كثير من الشباب يخلط ما بين الحكم والفتوى، والمبادرة بُنيت على هذا الأمر.
■ لكن تكفيريى سيناء، وأعضاء الجماعات الأخرى، سيردون عليك بحديث «سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان جائر»؟
- هناك فرق، فهذا الحديث كان للتعليم بإظهار الحق، ولا ينبغى تطبيقه على مجتمع وأمة، فالحقيقة تقول إن الجماعات هى مدنية ودعوية فى الأساس، وأين هى من الاقتصاد والشرطة والمال التى تملكها الأنظمة الحاكمة، لذلك الشباب الذين يواجهون يلقون أنفسهم إلى التهلكة، والنبى ظل 13 سنة فى مكة كان القتال خلالها محرماً عليه، ولو قاتل لأبيدت أمة الإسلام، والبديل كان بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
■ فماذا تقول للذين يؤكدون على أنهم يطالبون بالشرعية، وأنهم يتظاهرون من أجل ذلك؟
- الواقع أن هناك أماناً وأهدافاً ممكنة التحقيق، أما الأحلام البعيدة لا نسعى إلى تحقيقها، لأن السياسة هى تحقيق الممكن، والمظاهرات حق عالمى، لكن ماذا لو أدت إلى مفاسد؟، والشريعة لا يضرب بعضها بعضاً، والخلط بين النصوص والأمور خطأ، ولا بد على القادة أن يفكروا فيما ينبغى أن يكون، بدلاً من أن يذهبوا بأفرادهم إلى التهلكة.
■ هل ترى أن هناك مستقبلاً للجماعة الإسلامية، وهى متورطة مع الإخوان فيما يسمى «تحالف الدفاع عن الشرعية»؟
- مستقبل التيار الإسلامى كله وليس الجماعة فى الدعوة، وليس السياسة، وأعتقد أن مبادرة وقف العنف هى أفضل قرار أخذته الجماعة فى حياتها، والمبادرة لم تكن فكرة طارئة، بل شرعية ثابتة، بأن أى عمل سيأتى بمفسدة أكبر، وهذا أمر ثابت إلى يوم الساعة، وأظن أن الحركات الإسلامية الآن تمر بنفس الظروف تقريباً، التى أطلقنا فيها المبادرة، لأن المفاسد أكبر، وأهيب بكل الجماعات الإسلامية، الاهتمام بالدعوة وترك السياسة التى لم تأتِ سوى بالفرقة والفتنة، أما الدعوة فهى التى توحد الصفوف وتزرع الحب، وتجمع الأمة.
أحزننى الهجوم على الشيخين «كرم وناجح» واتهامهما بأنهما عميلان للأمن.. ومن تحدث عنهما كان يُقبّل أيديهما
■ إذن فمن يتحدثون عن الشرعية مخطئون؟
- يا أخى، حتى لو كان ما يتحدثون عنه هو الحق بعينه، فليس كل حق نعمله، لأننا اتفقنا على أن أى عمل إسلامى لا بد أن يكون له مردود، وطالما أن عملهم ليس له مردود سوى مفاسد فعليهم تركه، والمظاهرات التى تؤدى إلى قتال ومفاسد لا بد من تركها، وانظر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، كيف كانت هناك أخطاء فى بناء الكعبة، وقال لعائشة: «لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لأمرت بهدمها وبنائها»؟ وكيف أمر بعدم قتل عبدالله ابن أبى سلول حتى لا يقول الناس إن محمداً يقتل أصحابه، والحق كان مع النبى؟ لكن ليس كل حق نفعله.
■ هل اتصل بك أحد من «تمرد الجماعة الإسلامية» للانضمام إليهم؟
- لم يتصل بى أحد، وأنا لا أنتمى إلى أى فصيل تنظيمى الآن، وأؤمن أن هذه أمتكم أمة واحدة، وقد شبعت من القيادة 35 عاماً، لكننى سمعت بما يحدث، وقيادة الجماعة لها علىّ حق، وهو النصيحة بأنهم أخطأوا وعليهم مراجعة مواقفهم وتركهم الدعوة وانشغالهم بالسياسة.
أظن أن الجماعة الإسلامية نبذت العنف ولن تعود إلى حمل السلاح.. وخطأ القيادة الحالية يتمثل فى انغماسها فى السياسة على حساب الدعوة إلى الله
■ ماذا لو عاد الشيخ كرم زهدى لقيادة الجماعة؟
- نفسياً لن أقبل العمل فى هذا الجو، لكن أحزننى الهجوم على الشيخ كرم والشيخ ناجح إبراهيم، واتهامهما بأنهما عميلان للأمن، ولا يضير الشيخ كرم والشيخ ناجح كلام أحد، فإنهما دعوَا أناساً كثيرين إلى الله، ومن تحدث عنهما بهذا الكلام كان يقُبل أيديهما.
المصدر الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق