الجمعة، 29 نوفمبر 2013

تاريخ "الداخلية" وتصاريح التظاهر.. رد بـ"الرفض" ثم "الفض" والاعتداء

"التزموا الرصيف أو نضطر لاستخدام القوة"، نداء واحد أطلقه رجال الداخلية عبر مكبر الصوت، تقف في وجهه حشود من المتظاهرين، تهتف "مش هتحاكم عسكرية.. مش هتحاكم عسكرية"، لا تخشى تهديد الأمن بقدر ما تخشى أن تُنهك آدميتها ومدنيتها في المحاكم والسجون العسكرية، على الطريق الموازي تمركزت قوات الأمن المركزي وقيادته، خط دفاع أمني عند مبنى مجلس الشورى، تغطي أبوابه بشكل كامل، أعداد كبيرة تحمي أنفسها بدرع واقٍ وخوذة وهراوة، وصفوف أخرى من الجنود تحمل الأسلحة، جميعها فقط لحماية مجلس الشورى، وتطبيق قانون التظاهر الذي تم إقراره.
بداية الشُعلة "دعوة للتظاهر"، وقفة احتجاجية أرادت مجموعة من النشطاء من خلالها إعلان رفضهم لمحاكمة المدنيين عسكريًا، ساعات معدودة حتى يتحول رفض المتظاهرين للمحاكمات العسكرية، إلى رفضهم لقانون التظاهر، جاء ذلك بعد تعامل الأمن مع وقفتهم الاحتجاجية لإبعادهم عن محيط مجلس الشورى، وفي الرابعة عصرا، تزداد أعداد المشاركين بعد رؤية عودة العنف الأمني –على حد وصفهم- تجاه مظاهرات شعبية، لكن "تطبيق القانون" كان هو شغل قوات الأمن الشاغل، وهو فض أي مظاهرة تخرج دون تصريح أمني، وما هي إلا لحظات من إطلاق تحذير الأمن لفض المظاهرة، تحذير واحد، تعالت بعدها "الداخلية بلطجية"، ثم أُطلقت خراطيم المياه مندفعة في وجه المتظاهرين، ثبت أحدهم في وجهها وافترش الأرض، بينما لم يحتمل آخرون قوتها حتى أجبرتهم على الابتعاد عن محيط الشورى، الجميع يهرلون هنا وهناك، وقوات الأمن تندفع بشدة بين صفوف المتساقطين من المتظاهرين، حتى ألقت القبض على 52 من نشطاء وصحفيين ومشاركين بتهمة اختراق قانون التظاهر.
2009.. تتقدم الشبكة العربية لحقوق الإنسان بإخطار مظاهرة للإفراج عن "يوسف العشماوي" والداخلية ترفض
لم يعترف المتظاهرون وغيرهم من الغاضبين بإجراء هذا التصريح.. كيف تقع مظاهراتهم تحت سقف "المصارحة أو الإخطار الأمني"، معتبرين أنها المرة الأولى التي يرون فيها مظاهرة تُخطر وزارة الداخلية أنها ستخرج ضد الدولة أو النظام أو الحكم، لكن أثبت التاريخ أنها لم تكن المرة الأولى لتعامل مشترك بين الداخلية ومتظاهرين يُطالبون بالحصول على تصريح لخروجها، ففي عام 30 ديسمبر 2002، قدم الدكتور "عبد المحسن حمود" الحارس القضائي لنقابة المهندسين حينها، بدعوى قضائية إلى محكمة القضاء الإداري، للفصل في طعنه لتقديم إخطار لم توافق وزارة الداخلية على قبوله، لطلب الخروج في تظاهرة "ضد غزو العراق الشقيق أمام السفارة الأمريكية، والشوارع المحيطة، وبالفعل استمعت المحكمة إلى المداولة، وفي 4 فبراير 2003 أصدرت قرار بقبول طلب خروج المسيرة، استنادًا إلى "قانون الاجتماعات العامة"، قانون رقم 14 لسنة 1923، "على القائمين علي تنظيم الاجتماعات بإخطار الإدارة، وعلى أن يكون الإخطار شاملا زمان ومكان الاجتماع، كما نصت أحكام النص الثاني منه بسريان أحكام الاجتماعات العامة علي المظاهرات في الطريق العام".
خرجت المظاهرة بالفعل من ميدان السيدة عائشة بالخليفة، واتجه خط سيرها من شارع محمد فميدان، باب الخلق، فميدان العتبة، ثم شارع 26 يوليو، فشارع طلعت حرب، حتى ميدان التحرير، ثم شارع قصر العيني، حتى جامع عمر مكرم، واتجهت في النهاية إلى مبنى السفارة الأمريكية، لتصطدم بقوات الأمن تحاول فض التظاهرة السلمية باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، لتفرقتهم على الرغم من حصولهم على تصريح أمني، بموجب قانون الاجتماعات العامة، الذي يوجب فقط إخطار أجهزة الأمن بمكان وموعد المسيرة قبلها بثلاثة أيام، وبالفعل نجحت قوات الأمن في ذلك.
2010.. 6 أبريل تُرسل إخطارا بمظاهرة ضد "مد قانون الطوارئ" والداخلية ترفض وتعتدي عليهم
وفي عام 2009، أخطرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مدير أمن الجيزة بعزمها على تنظيم مظاهرة سلمية أمام السفارة السعودية في الـ2 أغسطس 2009، احتجاجا على استمرار احتجاز المهندس "يوسف العشماوي" الذي اختطفته قوات الأمن السعودي يوم 24أغسطس 2008، وقامت باحتجازه حتى اليوم بدون محاكمة أو تحقيق أو اتهام، لكن باءت أيضًا بالفشل، بعد رفض الداخلية الموافقة على إخطار التظاهرة.
وفي 4 أبريل 2010، أرسل كل من "أحمد ماهر" و"محمد عادل"، و"عمر إبراهيم"، شباب حركة 6 أبريل، إخطارا إلى وزارة الداخلية لطلب تنظيم مسيرة سلمية من ميدان التحرير إلى مجلس الشعب، بهدف إبلاغ أعضاء مجلس الشعب باعتراضهم على مد العمل بقانون الطوارئ، لكن سرعان ما جاء رد الداخلية، برفضها التوقيع على إخطار المحضر، وأرسلت الوزارة ردًا إلى الشبكة العربية لحقوق الإنسان باعتبارها وكيلة 6 أبريل، "في إطار الأحداث الأمنية الجارية وما قد تؤدي إليه مثل تلك المسيرات والوقفات الاحتجاجية من تكدير صفو الأمن العام بالعاصمة، لذلك، ينذر الطالب السادة المنذر إليهم بعدم الموافقة على قيامهم بتنظيم المسيرة المشار إليها لدواعي الأمن والنظام مع تحملهم المسؤولية عن أي إجراءات تخالف ذلك"، وبالفعل خرجت المسيرات وتم التعامل معها بعنف، بالفض عن طريق الغاز المسيل للدموع، والاعتداء على القائمين عليها، فيما تم القبض على الناشط السياسي "أحمد دومة" وآخرين خلال تلك الأحداث.


الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق