يتزامن الحديث عن مسودة قانون مكافحة الإرهاب في مصر مع وقوع بعض الأحداث الإرهابية، ليس في مناطق الحدود كما هو الوضع في سيناء، وإنما أيضا في داخل المدن الحضرية، مثل حادث إطلاق النار على كنيسة الوراق الذي وقع منذ أيام، فضلا عن الاضطراب الأمني الذي تتسبب فيه تحركات الأخوان في المحافظات المصرية، سواء في الميادين الرئيسية، أو في داخل الجامعات، وهو ما يجعل وضع مسودة القانون عملية سياسية رغم الحاجة الأمنية له، خاصة وأن إقراره وتنفيذه يعني اتجاه الحكومة المصرية لوضع قواعد جديدة للعبة مع كافة الجماعات التي تلجأ للإرهاب كإستراتيجية للعمل بما في ذلك العمل السياسي.
-مبررات عملية:
هناك مبررات عملية لإقرار قانون مكافحة الإرهاب في مصر، وتتمثل بصورة رئيسية في اضطراب الوضع الأمني، خاصة منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، نتيجة لجوء جماعات الاسلام السياسي المتضررة من عملية الفض، ومن سياسات الحكومة الانتقالية، والتي تعرف باسم التحالف الوطني لحماية الشرعية، إلى استخدام العنف، بأشكاله المختلفة.
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1nRpcCRhHChPQB3Iby2XE1hN6elQse-2AaIL6WNoXdN-uFM7jalYnfXdTo7b44DCE77KoW-HjD3GLoqhiC1JpBobeNj-_K18dmh9CxicS507JuRHhf5scRjlxApOqF15oSbvS5E7SptMS/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25B4%25D9%2583%25D8%25A7%25D9%2584.jpg
فاستنادا لما نشره تقرير المركز التنموي الدولي، شهدت مصر طوال الفترة من 1 سبتمبر وحتى 6 أكتوبر 2013، 311 حادث عنف وإرهاب سياسي، بواقع 9 أحداث يوميا، مقارنة بالشهر الماضي (أغسطس 2013) الذي شهد 557 حادثة بمتوسط 19 حادث يوميا، توزعت على 24 محافظة ، أهمها شمال سيناء والقاهرة، ثم الجيزة، والاسكندرية والمنوفية والشرقية، وتنوعت ما بين محاولات تعطيل السكك الحديدية وخطوط المترو، واشتباكات بين الأخوان والنشطاء السياسيين، وبينهم والأهالي، وتحطيم الممتلكات الخاصة، وتحطيم ممتلكات الاخوان، وهجوم مسلح، واشتباكات بين الطلبة الإخوان والأمن في الجامعات.
إلى جانب ذلك، يوجد في مصر عدد من التنظيمات الإرهابية النشطة، والتي رصدها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الإرهاب في العالم، وهي ثلاثة تنظيمات تتخذ من مصر قاعدة لها، أو تنفذ عمليات في داخل الأراضي المصرية، تتمثل في جيش الإسلام، والجماعة الإسلامية، والقاعدة.
- "تسييس" قانون الإرهاب:
ارتبطت المحاولات الخاصة بإقرار قانون مكافحة الإرهاب في مصر في الفترة السابقة على ثورة 25 يناير، بالتحولات في البيئة الدولية والتي أعادت الاهتمام بالإرهاب كظاهرة عالمية متعدية الحدود، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث كان إصدار هذا القانون على المستوى الوطني، أحد مؤشرات تعاون الدولة مع الجهود المبذولة على المستوى الدولي والتي قادتها حينها الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
واقتصر ما اتخذ من إجراءات في مصر حينها على إصدار أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق القرار ر قم 477 لسنة 2006 لتشكيل لجنة إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب. وقد عكفت اللجنة على دراسة التشريعات المقارنة في مجال مكافحة الإرهاب، وقارنت هذه التشريعات بالتشريعات والأنظمة القانونية السارية في مصر، بهدف وضع تعريف محدد للجريمة الإرهابية، كما استعانت بالقانون النموذجي الذي أعدته الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، إضافة إلى دراستها كافة المواثيق الدولية ذات الصلة، سواء في إطار الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو الاتحاد الأفريقي.
وكذلك نصت المادة 179 من الدستور التي تمت الموافقة عليها ضمن الـ34 مادة التي شملهم استفتاء مارس 2007، على أساس لمكافحة الإرهاب، إذ نصت على أن تعمل الدولة على حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب. وينظم القانون أحكاماً خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة هذه الأخطار. وبحيث لا يحول الإجراء المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولى من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور دون تلك المواجهة، وذلك تحت رقابة القضاء.
ورغم هذه الجهود، إلا أن مشكلة طرح مسودة قانون الإرهاب حاليا، مرتبطة بتوقيت طرحها، أكثر منه محتوى المسودة، فمن ناحية، يؤشر توقيت طرحها بعد صدور أحكام القضاء الخاصة بحظر جماعة الأخوان المسلمين ومصادرة أموالها، إلى توجه الحكومة الانتقالية لاستخدام القانون في حال إقراره لاضفاء شرعية قانونية على سياساتها في مواجهة الإخوان المسلمين، وهو ما يعني مزيدا من تصعيد الحكومة في مواجهة الجماعة، في الوقت الذي تتعثر فيه جهود المصالحة معها، خاصة مع تمسك ممثليها بمطالب تقفز على الواقع الجديد الذي خلقته ثورة 30 يونيو 2013.
وإذا كان مبررا إقرار هذا القانون في هذه المرحلة، لأسباب خاصة بتعقد المرحلة الحالية، إلا أن التأويلات السياسية لهذا القانون والتي ستلجأ لها جماعة الأخوان الموالين لها، واستخدامها ذلك في شن حملات جديدة لتشويه صورة الحكومة الانتقالية، والتعامل مع القانون على أنه أداة لإقصائها سياسيا، قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على مصر خلال الفترة المقبلة.
ومن ناحية ثانية، يتزامن طرح مسودة هذا القانون مع طرح مسودة قانون التظاهر، والذي قد يفسر من قبل بعض الدوائر الغربية، على أنه استعادة للأوضاع التي كانت سائدة في الفترة السابقة على ثورة يناير 2011، أي تقييد الحقوق والحريات، بأسباب تنظيمية، كتلك التي تنص عليها مسودة قانون التظاهر، ولأسباب أمنية، كتلك التي تنص عليها مسودة قانون الارهاب، حيث تنص المادة الثانية من مسودة قانون الإرهاب، كما نشرت في الصحف المصرية، على أن الإرهاب هو " كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح".
تظل إشكالية تعامل مصر مع الإرهاب، من الإشكاليات الممتدة، خاصة مع استمرار تعثر عملية المصالحة مع جماعة الأخوان في مصر، وقد يكون إشراك مؤسسات المجتمع المدني، في المراحل الأولى لصياغة مسودة قانون الإرهاب، خطوة ضامنة لصياغة مسودة قانون معني بمكافحة الإرهاب، الذي أصبح خطر حقيقي يهدد الأمن المصري، وفي ذات الوقت ضمانة في مواجهة انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية والدوائر الغربية لمصر خلال الفترة المقبلة.
-مبررات عملية:
هناك مبررات عملية لإقرار قانون مكافحة الإرهاب في مصر، وتتمثل بصورة رئيسية في اضطراب الوضع الأمني، خاصة منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، نتيجة لجوء جماعات الاسلام السياسي المتضررة من عملية الفض، ومن سياسات الحكومة الانتقالية، والتي تعرف باسم التحالف الوطني لحماية الشرعية، إلى استخدام العنف، بأشكاله المختلفة.
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1nRpcCRhHChPQB3Iby2XE1hN6elQse-2AaIL6WNoXdN-uFM7jalYnfXdTo7b44DCE77KoW-HjD3GLoqhiC1JpBobeNj-_K18dmh9CxicS507JuRHhf5scRjlxApOqF15oSbvS5E7SptMS/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25B4%25D9%2583%25D8%25A7%25D9%2584.jpg
فاستنادا لما نشره تقرير المركز التنموي الدولي، شهدت مصر طوال الفترة من 1 سبتمبر وحتى 6 أكتوبر 2013، 311 حادث عنف وإرهاب سياسي، بواقع 9 أحداث يوميا، مقارنة بالشهر الماضي (أغسطس 2013) الذي شهد 557 حادثة بمتوسط 19 حادث يوميا، توزعت على 24 محافظة ، أهمها شمال سيناء والقاهرة، ثم الجيزة، والاسكندرية والمنوفية والشرقية، وتنوعت ما بين محاولات تعطيل السكك الحديدية وخطوط المترو، واشتباكات بين الأخوان والنشطاء السياسيين، وبينهم والأهالي، وتحطيم الممتلكات الخاصة، وتحطيم ممتلكات الاخوان، وهجوم مسلح، واشتباكات بين الطلبة الإخوان والأمن في الجامعات.
إلى جانب ذلك، يوجد في مصر عدد من التنظيمات الإرهابية النشطة، والتي رصدها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الإرهاب في العالم، وهي ثلاثة تنظيمات تتخذ من مصر قاعدة لها، أو تنفذ عمليات في داخل الأراضي المصرية، تتمثل في جيش الإسلام، والجماعة الإسلامية، والقاعدة.
- "تسييس" قانون الإرهاب:
ارتبطت المحاولات الخاصة بإقرار قانون مكافحة الإرهاب في مصر في الفترة السابقة على ثورة 25 يناير، بالتحولات في البيئة الدولية والتي أعادت الاهتمام بالإرهاب كظاهرة عالمية متعدية الحدود، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث كان إصدار هذا القانون على المستوى الوطني، أحد مؤشرات تعاون الدولة مع الجهود المبذولة على المستوى الدولي والتي قادتها حينها الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
واقتصر ما اتخذ من إجراءات في مصر حينها على إصدار أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق القرار ر قم 477 لسنة 2006 لتشكيل لجنة إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب. وقد عكفت اللجنة على دراسة التشريعات المقارنة في مجال مكافحة الإرهاب، وقارنت هذه التشريعات بالتشريعات والأنظمة القانونية السارية في مصر، بهدف وضع تعريف محدد للجريمة الإرهابية، كما استعانت بالقانون النموذجي الذي أعدته الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، إضافة إلى دراستها كافة المواثيق الدولية ذات الصلة، سواء في إطار الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو الاتحاد الأفريقي.
وكذلك نصت المادة 179 من الدستور التي تمت الموافقة عليها ضمن الـ34 مادة التي شملهم استفتاء مارس 2007، على أساس لمكافحة الإرهاب، إذ نصت على أن تعمل الدولة على حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب. وينظم القانون أحكاماً خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة هذه الأخطار. وبحيث لا يحول الإجراء المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولى من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور دون تلك المواجهة، وذلك تحت رقابة القضاء.
ورغم هذه الجهود، إلا أن مشكلة طرح مسودة قانون الإرهاب حاليا، مرتبطة بتوقيت طرحها، أكثر منه محتوى المسودة، فمن ناحية، يؤشر توقيت طرحها بعد صدور أحكام القضاء الخاصة بحظر جماعة الأخوان المسلمين ومصادرة أموالها، إلى توجه الحكومة الانتقالية لاستخدام القانون في حال إقراره لاضفاء شرعية قانونية على سياساتها في مواجهة الإخوان المسلمين، وهو ما يعني مزيدا من تصعيد الحكومة في مواجهة الجماعة، في الوقت الذي تتعثر فيه جهود المصالحة معها، خاصة مع تمسك ممثليها بمطالب تقفز على الواقع الجديد الذي خلقته ثورة 30 يونيو 2013.
وإذا كان مبررا إقرار هذا القانون في هذه المرحلة، لأسباب خاصة بتعقد المرحلة الحالية، إلا أن التأويلات السياسية لهذا القانون والتي ستلجأ لها جماعة الأخوان الموالين لها، واستخدامها ذلك في شن حملات جديدة لتشويه صورة الحكومة الانتقالية، والتعامل مع القانون على أنه أداة لإقصائها سياسيا، قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على مصر خلال الفترة المقبلة.
ومن ناحية ثانية، يتزامن طرح مسودة هذا القانون مع طرح مسودة قانون التظاهر، والذي قد يفسر من قبل بعض الدوائر الغربية، على أنه استعادة للأوضاع التي كانت سائدة في الفترة السابقة على ثورة يناير 2011، أي تقييد الحقوق والحريات، بأسباب تنظيمية، كتلك التي تنص عليها مسودة قانون التظاهر، ولأسباب أمنية، كتلك التي تنص عليها مسودة قانون الارهاب، حيث تنص المادة الثانية من مسودة قانون الإرهاب، كما نشرت في الصحف المصرية، على أن الإرهاب هو " كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح".
تظل إشكالية تعامل مصر مع الإرهاب، من الإشكاليات الممتدة، خاصة مع استمرار تعثر عملية المصالحة مع جماعة الأخوان في مصر، وقد يكون إشراك مؤسسات المجتمع المدني، في المراحل الأولى لصياغة مسودة قانون الإرهاب، خطوة ضامنة لصياغة مسودة قانون معني بمكافحة الإرهاب، الذي أصبح خطر حقيقي يهدد الأمن المصري، وفي ذات الوقت ضمانة في مواجهة انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية والدوائر الغربية لمصر خلال الفترة المقبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق